قال تعالى (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ) (هود: 45-47)، فهذه الآيات الكريمة تشير إلى أن سيدنا نوح عليه السلام نادى الله سبحانه و تعالى متوسلاً ومُتذللاً إليه بأن يُنجي سبحانه وتعالى إبنه ( كنعان ) من الطوفان لأنه من أهله، فقال له سبحانه وتعالى أن إبنه ليس من أهله وأنه عمل سيء غير صالح لأن أهله عليه السلام هم أهل السعادة لأنهم مؤمنين بينما إبنه هو من أهل الشقاء لأنه كافر، ثم نبهه سبحانه وتعالى ونصحه بأن لا يطلب النجاة لأبنه الكافر لأنه لا تجوز محبة الكافر وموالاته وإن هكذا طلب يقود صاحبه إلى إرتكاب ذنب عظيم يجعله من الجاهلين لجهله بعقاب ذلك الذنب العظيم، فعندئذ اعتذر عليه السلام إلى الله عزوجل عما صدر منه من خطأ غير مقصود بطلبه النجاة لإبنه الكافر واستجار واستغاث بالله عزوجل من سؤال طلب يُغضب الله عزوجل وأعلن وإعترف بأنه إذا لم يغفر الله عزوجل له خطأه هذا فإنه عليه السلام سوف يخسر عصمة ورعاية وحفظ الله عزوجل له في الدنيا كنبي كريم وبالتالي يخسر أيضا التكريم والنعيم العظيم في الدار الآخرة. فهنا يبدو واضحاً وجلياً كيف أن الخطأ الذي وقع فيه سيدنا نوح عليه السلام هو خطأ غير مقصود لأنه عليه السلام لم يكن يعلم بأن محبته لأبنه الكافر يُغضب الله عزوجل وهذا ظاهر في لفظ (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ) وكذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى نفى عنه عليه السلام تعمده وقصده إغضاب الله لأنه سبحانه وتعالى نفى عنه صفة الجاهل لأن من يرتكب الذنب عن عمد وقصد فهو جاهل وهذا ظاهر في لفظ (فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ ).